التشريع والاجتهاد بين شربل بعيني وميشال حديّد

   أحبّ الكتابة عن كل شيء، وأطمح أن أطرق جميع الأبواب من غزل وفلسفة وأدب وسياسة واقتصاد وزراعة وعلم فضاء وكومبيوتر وطبّ.
   ولا يعيقني عن التطرق الى هذه الابواب سوى الافتقار الى المعلومات.
   ولكنّي أتهيّب موضوعاً واحداً، ولا أفضل أن أكون كاتباً ومنظّراً فيه: انه موضوع الدين والقضايا الغيبية والايمانية.
   والأسباب هي حساسية هذا الموضوع وانقسام البشرية الى اديان متعددة، وتفرّق كل دين الى شيع وطوائف، مما جعل البشرية في صراع فكري، وغير فكري أحياناً، بسبب هذا الموضوع منذ وجود سفر التكوين.
   وقد حسدت الصديقين ميشال حديّد وشربل بعيني على شجاعتهما ونزولهما الى ساحة التشريع والاجتهاد حول شخصية الامام علي الذي كنت القيت كلمة حول اقواله ونهجه منذ اكثر من عشرين عاماً بدعوة من حركة الشباب المسلم العلوي في ردفرن، وركزت تلك الكلمة على عظمة علي كقائد فاتح، وحكيم انساني، كما ورد في نهج البلاغة.
   ولكن ميشال وشربل تركاني وراءهما عدة اميال، وغاصا في بحور الاجتهاد والتحاليل الدينية الدقيقة، والويل لطائفة تستقي تشريعها من ميشال وشربل، وعلى صفحات جريدة يملكها بطرس.
   ولو عرف المجتهدان ميشال وشربل بان نجاحهما لن يكون افضل من فشلهما في هذا المجال لكانا كرّسا ما صرفاه من وقت على كتابة الشعر المنثور والمنظوم والمصفّح.
   ويسأل سائل: ماذا تفعل لو طلب منك ان تلقي كلمة في مناسبة دينية؟ هل تتهرب أم تتجاوب؟
   الجواب: لا للتهرب ونعم لكلمة تركّز على ما في الدين من فضائل وقيم انسانية خيّرة، دون التطرّق الى الماورائيّات، واثارة الجدل.
   لسنا ندري اذا كان شربل وميشال يطمحان الى دخول التاريخ بالغوص في هذا الموضوع الذي يخيفني الغوص به، وأتهيّب التطرق اليه. إذا كان الأمر كذلك فعلينا ان نقرّب بين وجهتيْ نظرهما ليعدّا لنا تفسيراً نسميه تفسير "شرشال" للجليلين شربل وميشال، ورحم الله المحلّي والسيوطي.
النهار: العدد 785، 21/1/1993
**